مقال : أحسن المراثي … للكاتب ابهاه بن احمد بن يوسف

أحسن المراثي ….. بقلم الباحث ابهاه بن أحمدبن يوسف
في مرثيته لسلطان الحوض اعلي ولد محمد محمود ولد أحمد محمود ( أهل امحيميد ) يَبدأ لوليد ولد أحمد ولد محمد ولد دِندنّي بما ينبغي أن يُبدَأ به شرعا وعُرفا .. ؛ يَبدأ بالدُّعاء للسّلطان المأسوف عليه ، مع ذكرِ بعضِِ من مآثره يقتضيه المقام ، فيقول :
يَا الرَّب ارحم يَ الرّحيمْ * * شِيخ راحم بِاعيالك كانْ
ما ايْجلَّج مِسلم ، واكريمْ * * اُوراسْخِين اف قلبُو لِمانْ ..
ثُمَّ يبسُط فِراشَ المرثيةِ بتفصيل ما كان قد أجمل آنفا .. ؛ بادئا بذكر << المعاطي >> التي كان السّلطان يجود بها ، فيقول
: مَدّ لِحرايِر والهَجْماتْ * * عاگْبُو – تَرحَمْ جسمُو – ماتْ
واتّْيوس الحمر الزَّيناتْ * * واعواسِيگ اهْل النِّبانْ
وُامّْ لحوار اللِّ مَ ( ا ) فاتْ * * حَكْهَ ( ا ) لِحبَلْ وُالفرشانْ ..
وفي << التّافلوِيتَيْن >> الأُوليَيْن من << التِّيفلواتنْ >> السِّتّ الأخيرة ، درسُُ نحويّ جليل ، لا يُستساغ – دون الانتباه إليه – المعنى ، ذلك أنّ مَن لم ينتبه إلى الجملة الاعتراضيّة – تَرحَمْ جسْمُو – قد يخال أنّ قولَ الرّاثي : << ماتْ >> صفةُُ لجسم المرثيّ ، وهذا حشو رديء لا يتأتّى من قريحة لوليد .. إنّما قولُه : << ماتْ >> خبر لقوله : مَدّ … وهذا عزيز جدّا.
وفي << التّافلوِيتَيْن >> الأخيرتيْن يُعمل لوليد سليقتَه البلاغيّة الفطريّة ؛ فيُكنّي عن النّاقة البكر بِ : أُمّ الحوار التي لم يحكّها الشِّمال وحبلُه ..
ثُمّ هو يُعطينا درسا تاريخيّا وجغرافيّا ؛ فيُعيِّن لنا الأماكن التي كانت تأتي منها على ذلك العهد المؤونات ( جمع : مؤونة ) إلى بلاد الحوضيْن ، فيقول :
واكْوابير الْ كِيفنْ جاتْ * * رافْدَه من زَهْو اروانْ
اُورافْدَه من حاجات اتْواتْ * * وحاجتْ اگليمِيم اُودانْ ..
ثُمّ يذكر فعلَ السّلطان بهذه المؤونات ؛ فيقول إنّها ما تبِيت في ذمته ( السّلطان ) بل يُقسّمها على رعيته ، وخصوصا أهل الحاجة منهم :
ما اتبات افْ ذِمِّتْ لِفتاتْ * * تِنبذِلْ بَيناتْ الجِرانْ
اُوبَين لَشخَاص اهل الفَتواتْ * * اٌوبَين خَبّاطِين اژَوانْ
اُوبَين لَشْراف اُولُوْلِياتْ * * اُوبَين لِعزارَه والصّبيانْ ..
ثُمّ يصل إلى الجانب التَّعبّديّ للسّلطان ، فيقول :
اُوذاك يَا ربِّ مِن تِفْواتْ * * دَولْتُو فِاعيال الرّحمانْ
واطّْهارَه والعبداتْ * * والصّوم في اسْمايِم رمضانْ
خلْفُولُ بالحسناتْ * * اُوبَيت من بيُوت العلْيانْ …
ثُمّ هو لا يملّ من تعديد << معاطي >> السّلطان :
… ماذَ قدَّمْ فاتْ * * سابْگُو اُو تعطيه الرّضوانْ ؛
مِن الّْبَيْص الغالي لَكحلْ * * واجّْمل لَذْكر لِمْجَلَّلْ
وادّْراريع اللِّ تَشْعلْ * * وانّْياگ امّات الحرانْ
واگْلِيفْ ابْگر مِسْتَشْولْ * * اُوشَدّْ خِنط اُوشدّيْن اگرانْ
اُوذاك ياربِّ مُكمَّلْ * * مِن الّْبِلْ يُگسَّمْ يِتْحانْ
لا اذْهب عن قَشوتْ لِحْللْ * * شِيخْنَ ( ا ) لِعديل السّلطان ..
وفي قوله : << يُگسَّمْ يِتحانْ >> صورةُُ حيّة ؛ كأنك تراها بعينيْك كلّما قرأت النَّص أو سمعته ..
وفي << التّافلويت >> قبل الأخيرة يُعمل لوليد – مرّة أخرى – سليقتَه البلاغيّة الفطريّة ؛ فيُسمِّي السّلطان : غشوةَ الحِلَل مجازا ..
ويختم المرثيةَ بذكر مآثر السلطان – وكأنّ رصيدَه منها لا ينفد – ، مُلحنا لفظ << مسلمِين >> إلحانا بديعا :
ذاك عَند اگْلَيب اعرّارمْ * * وادْعوه أَسْلام الرّجمان
شِيخ عادل مافيه اكلامْ * * ما اخلِگ مثلُو فِالبلدانْ ؛
طِيب واتْمعليم اُوتسگامْ * * اُوحَلْ راص اُو قِلْظ اُوتِهدانْ.